مدونة ناصح أمين ... حسين المحامى

    

خطر الفوضى فى حياتنا !! تعريف- آثار – صور – أسباب – علاج أ/حسين فتحي محمد المحامى تعريف الفوضى : تطلق في اللغة على معنيين : 1-اختلاط الأمور بعضها ببعض، يقال : أموالهم فوضى بينهم أي هم شركاء فيها . 2- التساوي في ألأمر أو الرتبة . يقال : قوم فوض . أي متساوون لا رئيس لهم . قال الأودي : لا يصلح الناس فوضى لاسراة لهم : ولا سراة إذا جهالهم سادوا ومرادنا بالفوضى: الفوضوية في العمل فلا هدف محدد ولا عمل متقن أعماله ارتجالاً، يبدأ في العمل ثم يتركه ويشرع في هذا الأمر ولا يتمّه ويسير في هذا الطريق ثم يتحول عنه وهكذا دواليك . آثار الفوضى 1- ضياع ألأوقات والطاقات ، فالفوضى تذهب عليه الأوقات وهو يتخبط في أحواله . فما أن يبدأ بمنهج إلا وتراه ينقلب إلى غيره وما أن يمسك إلا وينتقل إلى غيره وهكذا حتى يذهب عمره وهو لم يحصل شيء فهو بذلك يعيش عقوقاً لوقته كما قال أحد الحكماء : (( من أمضى يوماً من عمره في غير حق قضاه أو فرض أداه أو مسجد أثله أو حمد حصله أو خير أسسه أو علم اقتبسه فقد عق يومه وظلم نفسه )). 2- الفشل المحقق : فالفوضى واقف في محله أو يتحرك حركه بطيئة إنها سنه ربانيه: ((العمل المنظم المتقن يتطور ويرتقي والعمل الفوضوي يتدهور وينهري)) من غرس الحنظل لا يرتجي : أن يجني السكر من غرسته 3- الفتور والانقطاع : فالفوضى لا يرى ثماراً تشجعه على مواصلة الطريق ، حينما تكون أعماله ارتجالاً ولا تنظيم فبلا شك أنه لن يرى ثماراً تشجعه على الاستمرار في العمل فمن ثم تكون نهايته الفترة يعقبها توقف وانقطاع . صور من الفوضى 1- الفوضى في طلب العلم : وهذا من أعظم الفوضى ففيه الفتوى على الله بغير علم ،فتجد الفوضوي يقرأ كل ما يقع في يده وينفق أمواله على كل كتاب تقع عليه يداه ويقول شيخ الإسلام بن تيميه رحمه الله :((ومن أعماه الله لم تزده كثرة الكتب إلا حيره وضلالاً )) ، ومن ذلك من يزعم أن مذهبه واسع فهو يقطف من المذاهب الأربعة. ومن سلك هذا طالب علم عنده من الحصيلة الشرعية ما تمكنه من إتباع الدليل والترجيح بين ألأقوال فهو في حقه منهج مسدد ، أما الجاهل الفوضوي الذي يتتبع الرخص بين المذاهب أو يخبط خبط عشواء في هذا المذهب وذاك فمسلكه خطير وقد تكلم السلف في هذا فمن ذلك ما قاله سليمان التيمي - رحمه الله -:(( لو أخذت برخصة كل عالم أجتمع فيك الشر كله .)) ونقل الشاطبي عن ابن حزم أنه حكى الإجماع على أن تتبع رخص المذاهب بغير مستند شرعي فسق لا يحل . * ومن الفوضوية في طلب العلم . العشوائية في تعلم العلم ، فهو يؤخر الأصول ويهتم بالفروع ويقدم أي علم على الكتاب والسنة ، وهذه لا يرتضيها الربانيون الذين قال الله فيهم (( ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون )) . قال مجاهد رحمه الله : هم الذين يربون الناس بصغار العلم قبل كباره فهم أهل الأمر والنهي 2- الفوضوية في التعامل مع الأوقات فمن مظاهر الفوضوية في التعامل مع الأوقات 1- إعطاء العمل البسيط فوق ما يستحق من الجهد والوقت . 2- تضييع الساعات الطوال دون عمل . 3- تراكم أكثر من عمل في وقت واحد . 4- قتل الأوقات في أمور تافهة . 5- الخطوات اليومية تمضي بلا تخطيط . 3- الفوضوية في الصحبة والزيارة . 4- الفوضوية في العبادات، فتارة تجد الشاب يكثر من تلاوة القرآن ثم يتركه حتى يصدق عليه أنه هاجر للقرآن ، وتارة يصوم تم يترك الصوم ، وتارة يقوم الليل ثم يدع قيام الليل؛ بل يتعدى الأمر للفرائض فقد يصليها منفرداً . 5- الفوضوية في الدعوة إلى الله ، فمن الفوضوية أن تجد الرجل يربي جيلاً على العشوائية فمن صور العشوائية 1- العشوائية في البرامج المطروحة، فتجده لا يفكر ولا يتأمل ما هو المناسب وغير المناسب وإنما قد تكون وليدة الساعة أحياناً . 2- العشوائية في الدروس الملقاة . 3- الإهمال للتربية الإيمانية ، فلا عجب أن ترى من الشباب من يسلكون الفوضوية (( ومن شابه مربيه فما ظلم )) ، فعند ذلك هل ترجى ثمرة من أشجار انقطع عنها الماء ولم تجد من يرعاها ؟ 6- الفوضوية في التفكير ، وانك لتعجب من قوم يتقلبون في مزاجيه فما يستحسنونه في يوم يستقيمونه في اليوم الآخر، وهذه هي(( المزاجية )) ، ولها صور : 1- الإقبال بشده على العبادات ثم لا يلبث إلا وأن يعود إلى ترك العبادات ؛ ربما أسوء من قبل . 2- عدم العدل في الحكم على الآخرين ، فيقول الله تعالى : (( وإذا قلتم فاعدلوا )) فعندما يعجب الشاب بداعية إلى الله من حيث قوة أسلوبه فتجده يكيل له بالمدح والثناء، ثم بعد فترة تجده يذم كلامه وأسلوبه . * والفوضوية في التفكير لا تعني أن يستحسن أحدنا أمراً ثم يكتشف سلبياته فهذا أمر لا غبار عليه ؛ لكن الفوضوية تظهر جلية في تغيير المواقف مع عدم وجود أسباب صحيحة وإنما هي المزاجية . أسباب الفوضى 1- التشتت الذهني : والتشتت يعني عدم القدرة على اتخاذ قرار صحيح، ويبتلى المرء بالتشتت لعدة أمور منها : أ- الركون إلى الدنيا، قال صلى الله عليه وسلم : (( من كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه وفرّق عليه شمله ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له )) ب- القلق وكثرة الهموم : فيقول صلى الله عليه وسلم : (( شر آثار القلق تبديد القدرة على التركيز الذهني ، فنحن عندما نقلق تتشتت أفكارنا ونعجز عن حسم المشكلات واتخاذ قرار فيها )) [ ج- كثرة الخلطة : يقول ابن القيم في مدارج السالكين: (( فأما ما تؤثره كثرة الخلطة ما امتلأ القلب من دخان أنفاس بني آدم حتى يسود ويوجب له تشتتاً وتفرقاً وهماً وغماً وضعفاً وحملاً لما يعجز حمله من مؤنة قرناء السوء وإضاعة مصلحه والاشتغال عنها بهم وبأمورهم وتقسم فكره في أداء مطالبهم وإرادتهم فماذا منه لله والدار الآخرة )) . 2- ضعف التربية : فالذين تربّوا على أن لا يجعلوا المسئولية عليهم و إنما على غيرهم وعطّلوا طاقاتهم فستأتي عليهم الأيام بمسئوليات جسام ، لا يدرون كيف يتعاملون معها وتراهم هكذا في فوضوية من أمرهم لا يُحسنون إدارة أمورهم لأنهم اعتادوا أن يُدبر أمورهم غيرهم . 3- الجليس الفوضوي : وصوره: أ- الأسرة الفوضوية ، فقد ينشأ الإنسان في أسرة فوضوية لا تعطي للنظام أدنى رعاية أو أهمية . ب- الصاحب الفوضوي ، وقد أحسن القائل : لا تصحب الكسلان في حالاته : كم صالح لفساد آخر يفسد عدوا البليد إلى الجليد سريعة : كالجمر يوضع في الرماد فيخمد 4- ضعف الإرادة : فإن ضعيف الإرادة يتخاذل ، فتميل نفسه إلى الكسل ، فلا يكون حازماً في تنفيذ أعماله فمن الصعب من كان هذا حاله أن يرتب أعماله ووجباته وفق نظام عمل سليم . أأبيت سهران الدجى وتبيته : نوماً وتبغي بعد ذاك لحاقي . 5- عدم المتابعة والمحاسبة : فقد يحرم المرء ممن يتابعه ويحاسبه على عمله وعلى خطواته أولاً بأول فتكون النتيجة الفوضوية . 6- عدم وضوح الهدف :فترى الشاب يتحرك دون تحديد لهدف عام أو خاص وغير واضح ولكنه رأى الناس يعملون فعمل معهم فهو لا يدري لماذا يسير ؟ ولا كيف يسير ؟ والجهل بهذين مصيبة وأي مصيبة ،إن كنت لا تدري تلك مصيبة وان كنت تدري فالمصيبة أعظم ! 7- عدم فقه الأوليات . 8- الصوارف الطارئة : ومنها :ا- موت قريب ، ب- المشاكل الأسرية ، ج- الابتلاء بمرض ،د- الخسارة المالية ، ه- قدوم ضيوف ثقلاء . 9- عدم توزيع الأعمال : فإذا كانت الأعمال متشعبة فان هذا يعني صعوبة متابعتها فضلا عن القيام بها ، كما قيل (( الذي يعمل كل شيء لا يعمل شيئاً )) فقد تتعطل بعض الأعمال الدعوية وتتوقف ، وكل ذلك بسبب عدم توزيع الأعمال وإصرار المسئول على ذلك ، أما لماذا ينهج بعض المسئولين هذه الطريقة؟ فالجواب لأنهم قد يحسنون الظن بجهودهم وقدرتهم ، أو أنهم لا يثقون ولا يحسنون الظن بجهود وقدرات بالآخرين. 10- العاصي والذنوب : فيقول ابن القيم رحمه الله -((وبالجملة فالعبد إذا أعرض عن الله واشتعل بالمعاصي ضاعت عليه أيام حياته الحقيقية التي يجد عند إضاعتها يوم يقول ((يا ليتني قدمت لحياتي )) علاج الفوضى * ما أنزل الله من داء إلا وأنزل له الدواء ، علمه من علمه وجهله من جهله . * والفوضوية من أشد الأمراض المعنوية وتتأكد خطورتها فيما لا يحس الإنسان به . وعلاجها بأمرين :1- اتخاذ سُبل الوقاية منه ابتداءً ، 2- يعمل الأسباب التي تُذهبه بعد وقوعه طرق العلاج * فهناك وصايا عامة ووصايا خاصة : أولاً : الوصايا العامة : - 1- ملازمة التقوى : قال تعالى : (( يأيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا )) وقال تعالى:(( يأيها اللذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نوراً تمشون به ويغفر لكم والله غفور رحيم )) ، وقال تعالى :((يأيها اللذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ......)) ، ومن تقوى الله ترك الذنوب والمعاصي مع الإكثار من الطاعات ومن تقوى الله أن تجعل الآخرة غايتك كما قال صلى الله عليه وسلم :(( من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه وجمع له شمله .)) 2- الدعاء والاستعانة : فعلى العبد أن على الله أن يبارك في أعماله وأوقاته وأن يستعين بالله في أعماله كما في الحديث((إذا استعنت فاستعن بالله )) إذا لم يكف عون من الله للفتى فأول ما يجني عليه اجتهاده . 3- إدراك العواقب المترتبة على الفوضى . 4- الاستفادة من الكتب التي جمعت خبرة وتجربة المنظمين لشئونهم . 5- الاستشارة . ثانياً- الوصايا الخاصة: * حتى لا تكون فوضوياً في وقتك : فهناك معالم عديدة لتنظيم الوقت في حياتك . يقول ابن الجوزي (( ... ينبغي للإنسان أن يعرف شرف زمانه وقدر وقته فلا يضيع منه لحظة من غير قربة ....)) 1- أن تحدد الواجبات التي على عاتقك ثم انظر إلى يومك واجعل لكل واجب الوقت الذي يناسبه ثم سجّل ذلك في ورقه تذكرك إذا نسيت و كتابة ذلك خير لك من حفظها في الذاكرة التي تغفل ويقع منها السهو . 2- احرص على تنويع الأعمال ، فان من طبيعة الإنسان وفطرته أنه إذا داوم على عمل معين ولفترة محددة فانه يملّ من هذا العمل، فقد روى عن ابن عبا س أنه كان (( أنه إذا كلّ من الكلام قال : هاتوا ديوان الشعراء )) وكان المحدث شعبة رحمه الله (( إذا ضجر من إملاء ا لحديث يناشد الأشعار )) ، وقال علي بن ا بي طالب كرم الله وجهه (( أحبوا هذه القلوب وابتغوا لها طرائف الحكمة فإنها تملّ كما تملّ الأبدان )) 3- ضع خطة زمنية طويلة المدى لكل عمل تقوم به وتقف وقفة محاسبة بعد فترة زمنية. 4- لا تضيّع الوقت في الندم والشعور بالذنب على أزمنة مضت لم تستفد منها ففي ذلك إحباط للنفس . أ/حسين فتحي محمد المحامى HESENFATHY70@YAHOO.COM http://nasehameen.blogspot.com
0 تعليقات

إرسال تعليق

تصفّح المصرى اليوم

صفحة جديدة 1